تأثرت سوريا بثورات البلدان العربية مطلع عام 2011، ثم خط أطفال شعارات على جدران مدرستهم قالوا فيها: “إجاك الدور يا دكتور” في إشارة إلى بشار حافظ الأسد، فاعتقلت قوات الأمن الأطفال وعذبتهم، ما دفع لخروج مظاهرات في درعا ودمشق وبانياس، ثم استهدفت قوات الأمن المظاهرات بالرصاص الحي ما تسبب باستشهاد أول شابين بالثورة السورية محمود جوابرة وحسام عياش.
واجه النظام السوري الاحتجاجات بالقمع واستخدام القوة وزج بالأمن والجيش في مواجهة الشعب، ما أدى إلى استشهاد مدنيين وجرح واعتقال آخرين ورفع من وتيرة الغضب الشعبي. توسعت المظاهرات لتشمل مدناً وقرى عديدة، مطالبة بإسقاط النظام ورحيل رئيسه بشار الأسد.
تطورت الأوضاع سريعاً إلى انشقاق عناصر من جيش النظام لرفضهم قتل شعبهم، وبدأت بوادر تشكيل فصائل مسلحة لحماية المتظاهرين السلميين، ثم ما إن تحولت الثورة إلى مسلحة.
مع استمرار العنف، تعمقت الأزمة الإنسانية وارتفعت أعداد الشهداء، إلى جانب وجود مئات آلاف المعتقلين، وبدء نزوح داخلي ولجوء خارجي. تدخلت أطراف دولية وإقليمية في الحرب التي قادها النظام ضد الشعب، حيث دعمت روسيا وإيران وحزب النظام السوري.
وصفت الأمم المتحدة الوضع في سوريا بأنه “أكبر كارثة إنسانية في القرن الحادي والعشرين”، مشيرة إلى تشريد الملايين وتدمير البنية التحتية، بينما تعاني البلاد من أزمات اقتصادية خانقة.
رغم المبادرات الدولية مثل مساري جنيف وأستانا، لم يتحقق أي تقدم ملموس نحو إنهاء الحرب السورية بسبب غياب توافق دولي وإصرار الأطراف على تحقيق مكاسب سياسية وميدانية.
كان ظهور تنظيم الدولة “داعش” السكين التي ضربت عمق الثورة السورية، وصار الشعب يواجه قصف النظام واعتقالاته وتهجير، وتكفير الدواعش وسكاكينهم، ما أضعف قدرة الثوار، وسمح بتشكيل تحالف دولي لقتال “الإرهاب” بمساعدة قوات سوريا الديمقراطية “قسد” على الأرض والتي سيطرت على مساحات واسعة من الجزيرة السورية محتكرة سلة سوريا الغذائية من ثروات حيوانية ومائية وزراعية إلى جانب آبار النفط.
في عام 2016، حقق النظام السوري تقدماً عسكرياً إثر التدخل العسكري الروسي لصالحه، مع وجود دعم من مليشيات إيران وحزب الله والحشد الشعبي الطائفي، ما أدى إلى عمليات تهجير قسرية وهجر قرابة 6 ملايين سوري إلى مناطق شمال غربي سوريا في منطقة محدودة الموارد وضيقة المساحة.
في عام 2020، خضعت المناطق التي يوجد فيها الثوار لاتفاق دولي بين روسيا وتركيا، إلا أن النظام بقي يقصف تلك المناطق ويهجر السكان منها، إلى حين إعلان عملية ردع العدوان في 27 تشرين الأول 2024 والتي أدت في 11 يوماً إلى السيطرة على معظم المحافظات السورية بدءاً من حلب وحماة وحمص وصولاً إلى دمشق وريفها والمناطق الجنوبية.
هذه المعركة أدت إلى سقوط النظام السوري في معركة خاطفة وحررت السجون كاملة، وهرب بشار الأسد على إثرها من البلاد وأعلن رسمياً في 8 كانون الأول 2024 سقوط النظام السوري وبدء مرحلة بناء سوريا من جديد على يد الثوار السوريين.
وثَّقت الشَّبكة مقتل ما لا يقل عن 202 ألف مدني على يد قوات نظام بشار الأسد، بينهم 23,058 طفلاً و12,010 سيدات.
تشمل قاعدة بيانات الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان ما لا يقل عن 96,321 حالة اختفاء قسري على يد قوات نظام بشار الأسد، بينهم 2,329 طفلاً و5,742 سيدة.
سجلنا وفاة ما لا يقل عن 15,102 شخصاً تحت التعذيب على يد قوات نظام بشار الأسد، بينهم 190 طفلاً و95 سيدة.
لم تقتصر انتهاكات نظام الأسد وحلفائه على القصف والتدمير وتشريد السكان، بل امتدت إلى سنّ قوانين تنتهك أبسط مبادئ حقوق الإنسان، بهدف السيطرة على ممتلكات المشردين واللاجئين. كما سجلت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان أنماطاً عديدة من الانتهاكات الأخرى، بما في ذلك دمار المئات من المراكز الحيوية، كالمشافي، والمدارس، والمساجد، والكنائس.